الثلاثاء، 21 يناير 2014

تانس اد وانس




  حكاية ( تانسس ) واخيها ( وانس ) رغم أنه ادخل تعديل في هذه الأسطورة في اسم شقيق تأنس حيث يسميه ( اطلانتس ) و لهذا علاقة قياسية بقارة ( اطلانتس ) الغارقة والتي يلمح الكوني إلى أنها وجدت ذات يوم في الصحراء .. لأنه يسوق الاسم من خلال أسطورة أخرى مكملة ساقها الكوني في بداية قصة جرعة دم ( لم يعد وأنس الصغير يحتمل العطش فأخبر أخته تأنس كيف نسى احجوبته حيث كأن يرعى قطيع الغزلان .. فبكت تأنس ورجته إلا يشرب من بول الغزال .. لكن وأنس لم يعد يحتمل . فذهب واختطف احجبته وشرب من بول الغزال بعد أن القمة حجراً .. فعاد إلى أخته تأنس وقد تحول نصفه الأعلى إلى غزال وأحجبته معلقة في قرنيه )
ولأن السياق الأسطوري من حيث المنشأ ( قبائل الطوارق ) ومن حيث الروائي ( إبراهيم الكوني ) وبعيداً عن الخوض في التحولات إلى أنصاف حيوانات وهي أساطير تملأ ذاكرة شعوب العالم يعود اهتمامنا بهذه الأسطورة بحكاية تأنس وأخيها وأنس لما لها من علاقة بتأسيس البئر مع ملاحظة أخرى أن تأنس هي ( تأنيت ) .. أو ( تنت ) أو (تأنس ) وهي مسميات لآلهة الحب والخصوبة عند قدماء الليبيين والمرتبطة شرطياً بالقمر رمزاً لها .
وعند موت اطلانتس في إحدى رحلاته التي كان يخرج فيها للصيد وقفت تأنس أمام جثة أخيها وفاضت الامها في بكائيتها الشهيرة ( أحببتك كما لم تحبك أمك .. )(8) إلى أن تختتم هذه البكائية (( تباً لك أيتها الصحراء الكبرى ما أقساك .. ولكن اقسم إنني سوف أنتقم لك من الصحراء أيضاً فأهناً في نومك الأبدي لأنه لن يهدأ لي بال حتى تغمر المياه رفاتك في القبر ))(9)
وتتوالى الحكاية لتخبرنا أنه عن طريق المنجمين والعرافين استطاعت تأنس أن توفي بعهدها ووعدها بقهر الصحراء مع نبؤة ضُمنت داخل الأسطورة .. تشير إلى أن المياه سوف تبقى ما بقت تأنس على قيد الحياة لكنها ستختفي باختفاء تأنس من الوجود ((وعند موت تأنس حدثت حركة غريبة في نظام النجوم وقادت الكواكب الأخرى حملة ضد القمر وحدث ما يسمى بالخسوف لأول مرة .. استمر الصراع وهبت الأعاصير والعواصف المحملة بالغبار وعادت الصحراء تزحف على الصحراء وبقى البئر الأسطوري رمزاً بائساً لهذه الحضارة))(10)
هذه الحضارة التي يعنيها الكوني هي حضارة اتلأنتيدا الغارقة في الرمال في جوف الأرض بعد طوفان الرمال الرهيب .. وهذه كما قلت سابقاً إشارة ضمنية لقارة اطلأنتس الغارقة والتي تتضارب الآراء حول مكانها أن الكوني يقدم لنا رؤية أخرى من خلال هذا الطرح للقمر أن الخسوف للقمر يعني اختفاء الخصب وإيذاناً بانتهاء المجد فهو لم يقرن هذا الخسوف بسيرة التيه التي اتخذتها القبيلة نهجاً بل لقد ربط ذلك باختفاء حضارة بأكملها والبئر الذي هو مركز إنعاش حضاري مثله ذات يوم إلا أنه مثل في الجانب الآخر مرادفاً للاندثار .. سبب الوجود سبب الفناء أيضاً , وأن هذا القمر الذي هو معتقد ورمزاً للخصوبة والحب إشاراته في كل خسوف ليؤكد خسوف مجد القبيلة. (11)
أن اللحمة الأساسية في هذه الأسطورة قد استفاد منها الروائي بشكل رائع ذلك أنه أرخ لها انتقلت من أسطورة تعتمد المشافهة وسيلة لحفظها إلى أسطورة ضمنت متن روائياً .. كذلك أوجد من خلال السرد الاستردادي نوع من المأسوية لسيرة هذه القبيلة والتي هي بطل الرواية الفعلي .. والروائي نفسه استفاد من هذه الأسطورة وقدمها لنا في أماكن متباينة من أعماله لاحقاً .. ولكن من الجلي للقارئ أنه قدمها في هذه الرواية بسرد خجول .. دونما تدخل منه إذا استثنينا إيجاد مبرر لتغيير الاسم من وأنس إلى اطلأنتس.. ذلك لأن الروائي استفاد لاحقاً من سبك الأساطير القديمة داخل أعماله مضيفاً بعض الغموض والرهبة إليها متدخلاً في تواردها مضيفاً لها أشياء ومغيباً أشياء أخرى فهو يعلق أمال كبيرة على تعليق هذه الأساطير عبر رواياته العديدة ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق